حين أفتى سماحة الإمام عبدالرحمن البراك بكفر مستحل الاختلاط المتضمن للمحرمات القطعية (التبرج، الخلوة، السفور، النظر المحرم) خرج علينا مجموعة ممن تذكروا للتو صوت العقل، وصاروا يقولون: لماذا لم يفتِ الشيخ ضد الفساد المالي؟ وأين الشيخ عن البطالة؟ وأين الشيخ عن مشكلات المستوصفات الأهلية والصرف الصحي والمطاعم المتسممة ؟ الخ الخ من مشكلات الوزارات والبلديات التي تذكروها الآن! منذ فترة طويلة والليبراليين السعوديين يقودون حملة مكثفة لإشاعة أسباب الفواحش في مجتمعنا المحلي، مؤامرات تشويه إعلامي وإقالة من الوظيفة ضد من يفتي بتحريم الاختلاط، وتأليب اجتماعي ضد ضبط الهيئة لحالات الإركاب والخلوة، وتهييج مؤسسات أجنبية ضد القضاء الشرعي في أي قضية "أعراض" وإرسال التقارير إليها بطريقة تحريضية مريبة، وتزيين وتسهيل السينما العالمية بما تتضمنه من مشاهد الفجور والفحش، وأكداس من الروايات المليئة بتصوير تفصيلي للحظات الفواحش، وتجاوز الليبراليون السعوديون في رواياتهم التصوير الجمالي للعلاقات غير المشروعة بين الجنسين باعتبارها تمرد بطولي على السائد، إلى تصوير الشذوذ الجنسي بين النساء (رواية بنات الرياض) وتصوير اللواط بتفاصيله المقززة (رواية العطايف لعبدالله بخيت)، ومقالات دورية في التهكم بفتاوى خمار الوجه، بل ووصلت مقالاتهم إلى لمز حديث الصحيحين (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)، وتزيين استقبال الرجل للفتيات يوقع لهن كتبه في معارض الكتب، واستقبال المؤلِّفة للشباب توقع لهم كتبها، والتميلح في اللقاءات الفضائية مع المذيعات المتبرجات "ياسيدتي.. ياسيدتي.."، ومقالات مستمرة ضد كل الأحكام الشرعية التي تضمنت التحفظ في العلاقة بين الجنسين كسفر المرأة بلا محرم، وبالجملة فكل حكم شرعي يشرف المرأة بالحشمة والفضيلة والعفة تجدهم يكتبون ضده بشتى السبل، ويستوردون الفتاوى التي تخدم أغراضهم من كل مكان لضرب الفتوى الشرعية في قضايا الفضيلة. وبعد كل هذه الحملة الفواحشية -التي تفغر فاك وأنت تلاحق أحداثها- يأتون اليوم يقولون للبراك لماذا لاتفتي ضد الفساد المالي؟! يعني هم سيتخصصون في أمركة الفتاة السعودية وأنتم اتركونا وتكلموا عن الفساد المالي؟! بالله عليكم توقفوا أسبوعاً واحداً فقط عن إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا حتى نتمكن من التقاط أنفاسنا وحماية أعراض بناتنا ثم نتناقش معكم حول أساليب حماية المال العام إن كنتم صادقين فعلاً في حمايته ولم تكونوا جزءاً من هذا الفساد ذاته عبر مكافآت إعلامية دسمة تصلكم من هنا وهناك! أرجوكم فكروا أن تأخذوا إجازة ترتاحون فيها قليلاً من هذا النشاط المحموم في خلع خمار الفتاة والزج بها مع الشباب ثم نستطيع أن نجد وقتاً نبحث فيه عن سبل إيقاف المنح العقارية الجائرة للمسؤولين الليبراليين والرواتب الخرافية لرؤساء التحرير الليبراليين؟! بالله عليكم أين تجدون الوقت لكتابة كل هذه المقالات والروايات والحلقات والاستضافات التي تدور كلها حول الجزء السفلي للإنسان؟! والله أهنؤكم على أنه لم تصبكم السآمة والملل من دورانكم حول موضوعات لاتخرج عن الملابس الداخلية لبني آدم، حتى قال أحد الصحفيين وهو صديق لكم (المشروع الليبرالي يبدأ بالمرأة وينتهي بالمرأة مروراً بالمرأة) ! تدقون طبول الحرب على أعراض بنات المسلمين وتريدون أهل العلم أن يتخصصوا هم في موعظة المسؤولين عن بقايا الميزانية؟! طيب لماذا لاتوفرون جهدكم في سلخ أخلاق الفتيات والشباب، وتجعلون مقالاتكم عن المال العام، وستجدون الإسلاميين يوزعون مقالاتكم ويفرحون بها، كما يفرحون باستضافة د.القنيبط ومقالات الرطيان، برغم أنهم ليسوا من الإسلاميين، وإنما لأنهم يطرحون نقداً سياسياً صريحاً وواضحاً لمشكلات المجتمع المسلم المالية دون المساس بالأعراض والفضيلة. الآن تتحدثون عن الأولويات، وفقه الأولويات، وتتفجعون على الشيخ البراك بأنه لايفقه الأولويات! انظر من يتحدث؟! أنتم الذين أهملتم قضايا المجتمع المسلم وكليات الإسلام وتخصصتم في تزيين وسائل الرذائل تأتون تتحدثون عن الأولويات؟! هل بقي في وجوهكم قطرة حياء؟! حين يهجم على منزل الإنسان لصّان، أحدهما يريد أن يغتصب بنته، والآخر يريد أن يسطو على ماله، فمن الطبيعي أن يبدأ بمقاومة لص الأعراض ثم يتفرغ للص الأموال، هذا هو الترتيب البدهي لأولويات العقلاء. فأوقفوا لصوص الأعراض حتى نتفرغ للصوص الأموال ! الليبرالية في الدنيا كلها تجعل غايتها لجم الاستبداد السياسي، والليبرالية في بلدي المسكين غايتها الوصول إلى لحظة الشاطئ المختلط.. اللهم احفظ أعراض المسلمين وأموالهم ياحي ياقيوم.